جنبلاط يحاور باسيل من موقع الاختلاف

لقاء خالف المزاج العام للقاعدة الحزبية والشعبية لرئيس «التقدمي»


الأحد – 1 جمادى الآخرة 1444 هـ – 25 ديسمبر 2022 مـ رقم العدد [
16098]


وليد جنبلاط (غيتي)

بيروت: محمد شقير

يأتي اللقاء الذي عُقد بين رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وزعيم «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مساء أول من أمس (الجمعة)، بعيداً عن الإعلام، في ظل استمرار انسداد الأفق أمام انتخاب رئيس للجمهورية.
فاللقاء الذي عُقد بين «الخصمين اللدودين» بعد انقطاع بينهما تخلّله تبادل أعنف الحملات السياسية والإعلامية، جاء بناءً على إلحاح من باسيل وبوساطة من رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال «إل بي سي» بيار الضاهر، واستضافة نجله جو المتزوّج من ابنة رئيس «التقدمي» داليا وليد جنبلاط، لهذا اللقاء.
ومع أن اللقاء أُحيط بسرية تامة، فإن مزاج «اللقاء النيابي الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط الذي شارك فيه والقاعدة الحزبية والشعبية لرئيس «التقدمي» لم يكن متناغماً مع انعقاده، ليس لأن جميع هؤلاء ضد الحوار الحاضر على الدوام في مواقف جنبلاط، وإنما لأنهم يعتقدون بأن لا جدوى منه مع باسيل الذي أحرق جميع الفرص لتطبيع العلاقة مع «التقدمي»، ولو من باب التوصل إلى مهادنة لتوفير الحماية للعيش المشترك والسلم الأهلي في الجبل؛ أسوة بما هو قائم بين «التقدمي» وحزب «القوات اللبنانية». فباسيل استقوى برئيس الجمهورية ميشال عون إبان ولايته الرئاسية لينقلب على جهود جنبلاط لإعادة فتح الأبواب أمام التواصل والحوار، إلى أن شعر فور انتهاء ولاية عون بأنه يغرّد وحيداً في مواجهة الحلفاء والخصوم في ضوء انقطاع اتصاله بحليفه الاستراتيجي «حزب الله»، والذي يمر بحالة من الاضطراب السياسي وبات يشوبه القلق من أن يتحوّل إلى «مقتدى الصدر اللبناني»، أسوةً بالقيادي العراقي الذي أخرج نفسه من التسوية، هذا في حال التوصل إلى تسوية داخلية بدعم إقليمي ودولي تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. ورغم أن الفريق السياسي والشعبي والحزبي المؤيد لجنبلاط قد فوجئ بلقاء الأخير بباسيل، فإنه في المقابل أبقى على اعتراضه قيد الكتمان وتركه يتفاعل بصمت، اعتقاداً منه بأن محاولات تعويم الحوار بين رئيس «التقدمي» وباسيل تقع تحت عنوان وحيد يكمن في استئنافه من موقع الاختلاف، ويمكن أن يصل في أحسن حالاته إلى تنظيمه.
فكل ما قيل استباقاً للقاء جنبلاط – باسيل بأنه يهدف إلى إخراج تأجيل تسريح رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اللبناني اللواء أمين العرم الذي أُحيل بدءاً من أمس إلى التقاعد من البازار السياسي، لم يكن في محله، وهذا ما أدى إلى قطع الطريق على ابتزاز جنبلاط والدخول معه في مقايضة رئاسية في مقابل التمديد له.
لذلك، فإن لقاء جنبلاط وباسيل لن يبدّل من المشهد السياسي، خصوصاً أنه غاب كلياً عن الاجتماع الذي عقده موفده إلى معراب النائب وائل أبو فاعور للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حضور النائب ملحم الرياشي، ليس لأنه توخّى عدم إعلامه به، وإنما لأن أبو فاعور لم يكن على علم بالتحضير له.
وعليه، فإن اللقاء لا يحمل بُعداً إقليمياً ودولياً، وكان محلياً بامتياز، أسوةً بالحوار الذي أجراه سابقاً جنبلاط مع «حزب الله» ومن موقع تنظيم الاختلاف، ولم يؤدّ إلى التفاهم على عناوين عريضة في مقاربتهما للاستحقاق الرئاسي، كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، وأن البناء عليه وكأنه يمهّد لإقامة تحالف بين الطرفين يبقى في حدود الرغبة؛ لأن جنبلاط باقٍ على موقفه بدعم ترشيح النائب ميشال معوّض للرئاسة.
ويلفت المصدر نفسه إلى أن الانخراط في الحوار كان الطبق السياسي الوحيد على طاولة اللقاء، في محاولة لإخراج جلسات انتخاب الرئيس من التعطيل، ويؤكد بأن جنبلاط أعاد الكُرة إلى حضن باسيل الذي يُفترض فيه أن يبادر إلى تفكيك ما يعطل ضرورة انفتاحه على الآخرين، وأن حصر اللقاء بمناقشة ورقة الأولويات الرئاسية التي أعدّها «التيار الوطني الحر» لا يمتّ للحقيقة بصلة، خصوصاً أنه سبق لوفد نيابي يمثّله بأن ناقشها مع جنبلاط الابن في حضور عدد من نواب «اللقاء الديمقراطي».
ويرى أن جنبلاط لن يكون طرفاً مساعداً لباسيل في إمعانه بتصفية حساباته مع خصومه لإبعادهم عن السباق إلى رئاسة الجمهورية. كما أنه يُفترض بباسيل بأن يتوقف أمام اشتراط جنبلاط بأن يعقد اللقاء بعيداً عن الأضواء؛ منعاً لاستغلاله وتقديمه على غير حقيقته، وتقديراً من جنبلاط للمزاج العام لفريقه السياسي.



لبنان


لبنان أخبار




اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.