أنهى ابن عم زعيم الميليشيات الحوثية محمد علي الحوثي جولته في محافظة إب اليمنية، منتقلاً إلى محافظة ذمار المجاورة (تقع الأولى على بعد نحو 192كلم، والثانية على بعد 100كلم جنوب العاصمة صنعاء)؛ وذلك في سياق سعيه إلى توسيع نفوذ الميليشيات، إضافة إلى إغراء القبائل وإرهابها لحشد المقاتلين والتبرع لصالح حرب الميليشيات. وبالتوازي مع بدء زيارة الحوثي لمحافظة ذمار؛ بدأ قادتها ومشرفوها في تنفيذ عدد من الأنشطة والفعاليات التي تهدف إلى إقناع قبائل المحافظة ومواطنيها بتجنيد وحشد المقاتلين والتبرع للجبهات، تحت مسميات مختلفة، بينها الاحتفاء بالذكرى الثالثة لمقتل قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني.

وزعمت الميليشيات في فعالية تصدّرها محمد علي الحوثي تسيير أهالي محافظة ذمار قافلة نقدية وعينية؛ دعماً لمن تسميهم «المرابطين في الجبهات»، بما يساوي 100 مليون ريال يمني (الدولار نحو 560 ريالاً).

ويقول سكان في ذمار، إن عملية جمع التبرعات جرت بوتيرة متسارعة سبقت وصول محمد علي الحوثي إلى المحافظة، وتحت التهديد والإكراه، حيث كان قادة وعناصر الميليشيات يوزعون على التجار وملاك المحال التجارية والمزارع سندات جاهزة بالمبالغ التي عليهم التبرع بها، ومن يرفض يجرِ تهديده بالسجن ونهب بضاعته.

وفي أرياف المحافظة مارس قادة الميليشيات الترهيب والترغيب ضد مشايخ وأعيان القبائل؛ حيث أبلغوهم أن محمد علي الحوثي سيزور المحافظة خلال الأيام المقبلة، ومن المستحسن أن يكون راضياً عنهم، وأن يثبتوا له الولاء قبل وصوله بتجنيد المقاتلين من أبناء القبائل، وجمع التبرعات النقدية والعينية للجبهات.

وتعدّ هذه التبرعات التي أعلنت عنها الميليشيات دفعة أولية أراد منها قادة الميليشيات إثبات تفانيهم أمام محمد علي الحوثي، وهو الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب، حيث تتواصل عمليات الجباية لصالح الجبهات، ومن المتوقع أن تنظم الميليشيات في محافظة ذمار عدداً من الفعاليات التي تعلن فيها عمّا يعرف بقوافل الدعم للمقاتلين سواء بالأموال النقدية أو العينية.

وبحسب السكان، فإن التبرعات الإجبارية لم تقتصر على التجار وملاك المحال التجارية والمزارع؛ بل استهدفت أرباب الأسر الذين طلبت منهم الميليشيات التبرع بألف ريال على الأقل عن كل فرد في الأسرة في بعض المناطق، وألفي ريال في مناطق أخرى.

ويشتكي الأهالي والمزارعون في عدد من مديريات محافظة ذمار من أن أعمال الجباية وفرض الإتاوات أرهقت كاهلهم ودفعت الكثير منهم إلى الإفلاس، فلا تكاد عملية جمع للتبرعات تنتهي، حتى تبدأ أخرى.

يقول أحد الناشطين من مديرية عتمة، إن الميليشيات أعلنت أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي عبر وسائل إعلامها ومن خلال فعالية كبيرة في مركز المديرية عمّا أسمته «قافلة الوفاء للشهداء»، تضمنت تبرعات عينية ونقدية تمت جبايتها خلال فترة لا تتعدى الأسبوعين، وبعد أقل من شهر فقط من تلك الفعالية؛ بدأت الميليشيات حملة جديدة في المديرية.

ويتابع الناشط الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته؛ إن الميليشيات واجهت حالة السخط والغضب في أوساط أهالي المديرية بسبب هذه الجبايات، بالدعوة إلى مسيرة ضد ما تسميه «الحصار»، ودعت خلالها إلى التبرع للمقاتلين، وعدّت المشاركة في هذه المسيرات دليلاً على الولاء لها، واتخذتها أسلوباً لتهديد من يرفضون دعم الجبهات بالتبرعات.

كما أعلنت الميليشيات مطلع هذا العام، أن أهالي مديرية جبل الشرق، سيّروا قافلة عينية ونقدية دعماً للجبهات، تحت شعار «قافلة الوفاء للشهداء»، واحتوت تلك القافلة ملابس شتوية ومواد غذائية ومواشي ومبالغ مالية، وفق ما أطلق عليه القيادي الحوثي المشرف على المديرية بـ«الواجب والمسؤولية تجاه المرابطين وتعزيز صمودهم».

وتعد حملة جباية التبرعات في مديرية جبل الشرق خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الثالثة خلال أقل من نصف عام، رغم ما تعرضت له المديرية من أمطار وسيول غزيرة في أوقات مختلفة من العام الماضي، ألحقت بالمزارعين والأهالي خسائر فادحة، ولم تشفع تلك الخسائر لأهالي المديرية أمام الميليشيات لوقف الجبايات.

ولم تقتصر المسيرات التي دعت إليها الميليشيات على مديريتي عتمة وجبل الشرق فقط؛ حيث قاد محمد البخيتي، المعيّن محافظاً لذمار في حكومة الميليشيات غير المعترف بها، مسيرة مشابهة في مدينة ذمار (مركز المحافظة) إلى جانب مسيرات وفعاليات أخرى في مديريات جبل الشرق ووصابين دعت الميليشيات خلالها إلى التبرع للجبهات.

وتحدث البخيتي عن جهوزية الميليشيات لما أسماها «المعركة الفاصلة»، زاعماً أن المقاتلين مرابطون في الجبهات، والمصانع الحربية مستمرة في عملية تصنيع الأسلحة، مطالباً بدعمها بالمال والتبرعات، وتوفير رواتب العاملين فيها، إضافة إلى إمداد الجبهات بالرجال والمال، ووصف التبرعات بـ«الواجب المقدس على الجميع».

وتوسعت الأنشطة الحوثية في محافظة ذمار لتشمل الميليشيات النسائية أو ما تعرف بـ«الزينبيات» والتي تعمل تحت مسمى «الهيئة النسائية»، حيث نظمت في مديرية عنس فعاليتين بطابع طائفي لإحياء ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء، وجرى خلالها دعوة النساء للتبرع للجبهات بالمال والحلي النسائية، وحث أبنائهن على التوجه للقتال.

وتفيد مصادر عديدة في مديريات محافظة ذمار بتراجع كبير للقبائل عن دفع أبنائها للقتال في صفوف الميليشيات؛ وهو ما تسبب في غضب قيادات الجماعة، وتوجهها إلى معاقبة المحافظة بزيادة الجبايات والتبرعات الإجبارية.





اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.