موسى فكي يبحث في الخرطوم رفع التجميد وتكوين حكومة مدنية

بدأت أمس (الأحد) في الخرطوم أعمال «مؤتمر خريطة طريق الاستقرار السياسي والأمني والتنمية المستدامة» لإقليم شرق السودان، وذلك ضمن ورش العمل التي أقرها «الاتفاق الإطاري» بين المدنيين والعسكريين، من أجل توسيع النقاش حول القضايا الحساسة، تمهيداً لتوقيع الاتفاق النهائي، واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي، وذلك بالتزامن مع وصول مفوض السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، التشادي موسى فكي، الذي ينتظر أن يجري مباحثات تتناول العملية السياسية الجارية، واستعادة عضوية السودان المجمدة في الاتحاد الأفريقي.

وتنعقد في الخرطوم من 12 إلى 15 فبراير (شباط) الحالي أعمال مؤتمر شرق السودان، بمشاركة واسعة من أصحاب المصلحة والسياسيين والنساء ونشطاء المجتمع المدني، وذلك استمراراً لسلسلة الورش المنصوص عليه في «الاتفاق الإطاري» الموقع في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونفذت منها مؤتمرات «تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)»، و«تقويم وتقييم اتفاقي جوبا لسلام السودان»، فيما ينتظر أن تتواصل مؤتمرات إصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية والعدالة الانتقالية.

ويناقش المؤتمر عدة أوراق تتناول «التنوع الثقافي والاجتماعي، وحماية التراث في شرق السودان، وقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقضايا المرأة، واللامركزية ونظام ومستويات الحكم، والإدارة الأهلية ودورها في تعزيز السلم المجتمعي، ونبذ ومحاربة خطاب الكراهية، والمهددات الأمنية وقضايا الحدود والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، ودور المجتمع الدولي في تنمية الشرق».

ويتكون إقليم شرق السودان من 3 ولايات، هي البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف. ويقع على الساحل السوداني على البحر الأحمر، وتحده من جهة الشرق دولة إريتريا، ومن الشمال مصر، ويطل على ساحل طوله نحو 800 كيلومتر، وهو مدخل السودان البحري، وتقع على ساحله موانئ البلاد الرئيسية، وأشهرها ميناءا بورتسودان وسواكن، اللذان يقدمان خدماتهما لعدد من دول أفريقيا «المغلقة» عبر السودان.

ورغم أهمية الإقليم وموقعه الاستراتيجي والأطماع الدولية والإقليمية المحيطة به، فإن سكانه يعانون الفقر المدقع والتهميش الاقتصادي والسياسي، ما أدى إلى نشوب أكثر من تمرد، ونشوء حركات مطلبية كثيرة. وتزايدت حالة الغضب الشعبي في الإقليم بعد اتفاق جوبا لسلام السودان، الذي منح الإقليم ما يسمى بـ«مسار شرق السودان»، ولم يجد تأييداً من عدد من المجموعات الإثنية في الإقليم. وبلغ التوتر في الإقليم ذروته إبان فترة حكم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بعملية «إغلاق الموانئ» والطريق البري الرابط بينها وبقية أنحاء البلاد، ما أسهم بصورة كبيرة في توتر الأوضاع في البلاد بشكل عام، وكان واحداً على الأقل من أسباب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الانتقالية المدنية.

وتتصارع عدة دول في الإقليم وحول العالم على «موطئ قدم» على ساحل البحر الأحمر. ففيما تقول روسيا إنها وقّعت اتفاقية لإنشاء قاعدة عسكرية مع حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وهو ما ذكره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في زيارته للبلاد الأسبوع الماضي، تنتظر الاتفاقية الموافقة التشريعية والحكومة المدنية. وبينما ترفض الولايات المتحدة الأميركية الوجود الروسي في الإقليم، الذي تعتبره جزءاً من مناطق النفوذ الغربية، تسعى دول إقليمية، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى إقامة موانئ على ساحل البحر الأحمر السوداني. وتناقلت تقارير صحافية الأشهر الماضية تقارير عن منحها ميناء في منطقة «أبو عمامة» إلى الشرق من ميناء بورتسودان. ويعد الإقليم أيضاً أحد منافذ الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، بحكم قربه من دولتي إريتريا، وإثيوبيا، وبحكم التداخل السكاني بين المجموعات في الدول الثلاث.

وتأتي زيارة فكي إلى السودان، أمس، ضمن الجهود التي تبذلها الخرطوم لفكّ تجميد نشاطها في الاتحاد المعلق منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وينتظر أن يلتقي خلال الزيارة عدداً من المسؤولين وأطراف العملية السلمية لمتابعة آخر تطوراتها. وجمّد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان في أجهزته، على خلفية تجريم مبادئه الأساسية في الدول الأعضاء، وذلك للضغط على الانقلابيين للتراجع عن انقلابهم، والحيلولة دون مطامع انقلابيين آخرين.

ويربط الاتحاد الأفريقي فكّ تجميد السودان بتشكيل حكومة مدنية، وبذلك ينتظر أن يقدم فكي تقريراً إلى قمة الاتحاد المزمعة الشهر المقبل، بالأوضاع في السودان والتطورات التي يشهدها بعد توقيع الاتفاق الإطاري، تمهيداً لإعادة عضويته حال تكوين حكومة مدنية.

واستقبل دفع الله الحاج علي، الوزير المناوب في الخارجية السودانية، فكي الذي عبّر عن أهمية عودة السودان للأسرة الأفريقية، نسبة للدور الإيجابي الذي يضطلع به السودان في الإقليم والمنطقة.

ووفق وكالة الأنباء السودانية، قدّم الوزير المناوب إحاطة للوفد حول آخر تطورات العملية السياسية، مؤكداً عدم انسجام العقوبات والإجراءات القسرية مع روح مبدأ الوحدة والتضامن الأفريقي الذي نادى به الآباء المؤسسون للاتحاد.

ودعا الوزير المناوب إلى ضرورة إصلاح منظومة الاتحاد الأفريقي لتصبح أكثر مواكبة للآليات الدولية، خاصة مجلس الأمن بالأمم المتحدة، الذي يتيح للدول مناقشة موضوعاتها أمام المجلس، بما يعين ويساعد على الوصول لحلول مرضية.





اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.