«التصعيد» يفرض نفسه بعد قمة «خفض التصعيد»
«فتح» و«حماس» تدعوان للنفير … وإسرائيل تستعد لـ«أيام صعبة»
الثلاثاء – 7 شعبان 1444 هـ – 28 فبراير 2023 مـ رقم العدد [
16163]
رجل يعبر بين سيارات احترقت بهجوم نفذه مستوطنون بالقرب من حوارة في الضفة الغربية (رويترز)
رام الله: كفاح زبون
ميّز التصعيد الكبير الساعات القليلة التي أعقبت «قمة خفض التصعيد» في العقبة بالأردن؛ ما أثار تساؤلاً كبيراً حول ما إذا كان المسؤولون في قاعات الاجتماعات هم الذين يقررون في شأن الشارع، أم الشارع نفسه الذي بدا واضحاً أنه يخوض معركة أخرى منفصلة؟
«ما كان في الأردن سيبقى في الأردن». هذا التصريح لم يخرج على لسان متظاهرين فلسطينيين غاضبين أو فصائل معارضة للقمة أو نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ضاقوا ذرعاً بالاحتلال، وإنما عبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الوزير أيضاً في المجلس الوزاري والأمني المصغر (الكابنيت). والمجلس هو الجهة التي تقرر سياسة إسرائيل والتي أرسلت وفدها إلى العقبة من أجل مفاوضة الفلسطينيين، وهي الرسالة التي التقطها المستوطنون المنفلتون من عقالهم، قبل أن يهاجموا بالنار بلدة حوارة الفلسطينية القريبة من نابلس.
وأشعلت قطعان كبيرة ومنفلتة شعارها «الانتقام» و«الموت للعرب»، من أتباع بن غفير أو بتسليئل سموترتيش وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع الذي تعهد أن الاستيطان لن يتوقف يوماً واحداً رداً أيضاً على تفاهمات العقبة، النار في كل مكان وصلت إليه، منازل وسيارات وأراضٍ، في مشهد غير مألوف شكّل منحى مهماً في مرحلة التصعيد الحالية.
إحراق مركبات وحظائر و30 منزلاً
وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس، إن المستوطنين نفذوا، نحو 300 اعتداء في بلدات حوارة وبورين وعصيرة القبلية جنوب نابلس.
هذه الهجمات أدت إلى مقتل سامح حمد لله محمود أقطش (37 عاماً)، وإصابة أكثر من 100 آخرين بينهم 4 بجروح خطيرة، إضافة إلى استهداف 30 منزلاً في حوارة بين حرق وتكسير، وإحراق 15 مركبة ومشطب مركبات وإحراق بركس وحظيرة أغنام وثلاث مركبات، في بورين، في حين شهدت بلدة عصيرة القبيلة إحراق منزل وخزان مياه، ومشطب للمركبات، بحسب ما أكد دغلس. وكان كل ذلك يبث على الهواء مباشرة، والذي نقل أيضاً استغاثات الفلسطينيين تحت النيران.
هذه الهجمات تكررت، أمس (الاثنين)، على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طالب المستوطنين بعدم «أخذ الحق باليد». وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أرسل 3 كتائب وأربع سرايا وقوات خاصة، إلى المنطقة، لضبط المستوطنين الذين لم يستطع ضبطهم يوم الأحد؛ لأن قواته لم تكن تكفي فخرجت الأحداث عن السيطرة، وهي مبررات لم تقنع حتى مسؤولين إسرائيليين وصفوا هجوم المستوطنين «باضطرابات دموية مدبرة»، واتهموا قوات الأمن بأنها أخفقت في استعداداتها لمنع دخول المستوطنين إلى حوارة.
وقال مصدر أمني كبير في إسرائيل، إن الدعوة إلى اقتحام حوارة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سلفاً، وإنه لم تكن هناك حاجة إلى استخبارات لمعرفة تطور الأحداث. وما عزز فرضية أنها مدبرة، تصريحات أعضاء الكنيست في حزبي بن غفير وسموتريتش، ووصل بهم الأمر إلى دعوة المهاجمين «إحراق حوارة عن بكرة أبيها».
صحيح أن الجيش لإسرائيلي أغلق المفارق الرئيسية حول نابلس يوم الاثنين، وأحكم قبضته هناك وقال، إنه سيمنع مواصلة مثل هذه الهجمات، لكن ذلك لا يعني أنه بانتهاء الهجوم على حوارة انتهت القصة.
غضب فلسطيني رسمي
لقد أثار الهجوم غضباً فلسطينياً رسمياً كبيراً بسبب أنه زاد من الضغط على القيادة الفلسطينية، التي انشغلت يومين في محاولة تبرير حضورها قمة العقبة بأنه «يهدف إلى وقف الجرائم الإسرائيلية»، فوجدت أن شعبها أصبح بعد ساعات قليلة تحت النيران من دون أن تملك وسيلة لإطفائها. وقالت الرئاسية الفلسطينية، إن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، تهدف إلى تدمير وإفشال الجهود الدولية المبذولة لمحاولة الخروج من الأزمة الراهنة. وحمّلت الرئاسة الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن هذا الإرهاب، «الذي يؤكد انعدام الثقة».
واعتبرت الرئاسة أن ما قام به المستوطنون هو «ترجمة لمواقف بعض الوزراء في هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة».
الرئاسة الملتزمة باتفاق العقبة حذرت قائلة «إننا نقف على مفترق طرق، إما أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، بإلزام الحكومة الإسرائيلية وقف اعتداءاتها ووقف جرائم المستوطنين على الفور، وإلا فإن الوضع ينذر بالدخول في دوامة من الفعل ورد الفعل، لا أحد يتنبأ بمصيره».
إدانة أميركية
وحتى الأميركيون الذين يقفون خلف قمة العقبة، أدانوا عنف المستوطنين. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن بلاده تدين عنف المستوطنين في الضفة الغربية، الذي أسفر عن مقتل فلسطيني، وإصابة أكثر من 100 شخص آخرين، وتدمير العديد من الممتلكات. وأضاف برايس في تغريدة على «تويتر»، أن «هذه التطورات تؤكد ضرورة نزع التوتر على الفور، من خلال الأقوال والأفعال»، وأكد أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وشركائها الإقليميين لاستعادة الهدوء.
شعبياً، وصل الغضب مداه عندما خرج الفلسطينيون في القرى التي هاجمها المستوطنون، في مواجهة مفتوحة معهم، في حين تظاهر آخرون في كل مكان في الضفة دعماً لحوارة المحاصرة.
وبشكل نادر اتفقت حركتا «فتح» و«حماس» على دعوة الفلسطينيين للنفير ومواجهة المستوطنين بكل الطرق الممكنة وفي كل مكان، وهي دعوات يفهم الإسرائيليون أنها ستلقى آذاناً صاغية، وستعزز إلى حد كبير التصعيد الذي يفرض نفسه على الأرض.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت «نتوقع أياماً معقدة وصعبة، ونحن مستعدون لجميع التهديدات».
وأضاف أثناء زيارته موقع عملية قتل مستوطنين قرب حوارة «نتوقع أياماً معقدة وأكثر صعوبة، قد يكون ذلك في الضفة الغربية والقدس أو حتى على جبهة قطاع غزة. لقد أعطيت تعليماتي للجيش وللأجهزة الأمنية وقوات حرس الحدود، ليكونوا في أعلى جهوزية لمواجهة التهديدات كافة، إلى جانب تكثيف الوجود والعمليات الميدانية وتوفير الحماية على الطرقات والمحاور الرئيسية والحراسة للمستوطنات».
فلسطين
النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي
اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.