الحوثيون يصادرون الأراضي في إب ويمنحونها لعناصرهم

ضمن مخطط شامل للتغيير الديموغرافي في مختلف المناطق


الجمعة – 17 شعبان 1444 هـ – 10 مارس 2023 مـ رقم العدد [
16173]


مزارعان يمنيان يعملان في مزرعة خضار على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

عدن: محمد ناصر

ضمن مخطط شامل لإحداث تغيير ديموغرافي في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية في اليمن، وسّعت الجماعة الانقلابية من عمليات نهب السكان في محافظة إب (192 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وصولاً إلى مضاعفة إيجار الأراضي الزراعية المملوكة للدولة بنسبة وصلت إلى 1000‎ في المائة، بعد أن استكملت السيطرة على أراضي الأوقاف في عاصمة المحافظة والمناطق المحيطة بها.
يأتي هذا ضمن النهج الذي تتبعه الميليشيات لخلق طبقة جديدة من الأثرياء، وجمع الأموال وتوجيهها لخدمة مقاتليها ولإثراء قادتها، وهو النهج الذي عرفته مناطق شمال اليمن أثناء نظام حكم الإمامة قبل الإطاحة به في مطلع الستينات من القرن الماضي.
وأوضح سكان في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن المدعو حارث راوح مدير الأراضي في مديرية ذي السفال، وبمشاركة مدير المديرية أبو إسحاق وجيه الدين، أقدما على سجن أكثر من 56 مزارعاً من منطقة حبير بعد أن رفضوا قرار الرجلين رفع إيجار الأراضي الزراعية التي ينتفعون بها وأسرهم منذ عشرات السنين بنسبة وصلت إلى 1000 في المائة‎ بموجب اتفاق مسبق مع القيادي الحوثي هاشم الشامي، المعين مسؤولاً لمصلحة أراضي الدولة في محافظة إب.
وبحسب رواية السكان فإن الشامي كان قد أصدر قراراً بعزل مسؤول فرع المصلحة في مديرية ذي السفال؛ بسبب تدني العائدات التي توّرد سنوياً، وإن الرجل طلب منحه مهلة جديدة، وتعهد برفع الإيرادات إلى مستوى لم تعرفه المصلحة من قبل، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم تمديد عمله في المديرية، وبدأ بتنفيذ الخطة الجديدة التي أعادت التذكير بالممارسات التي كان نظام حكم الإمامة يعتمدها في المحافظة من خلال مضاعفة الجبايات حتى يعجز المزارعون عن دفعها، ثم يقوم بسجنهم وإجبارهم على التنازل عن أراضيهم؛ لتغطية مبالغ الجبايات التي فُرضت عليهم.
ويقول السكان، الذين ينتفعون بهذه الأراضي التي أصبحت أملاكاً عامة، إن القيادي الحوثي يريد من المُزارع الذي كان يدفع مبلغاً سنوياً قدره 5 آلاف ريال، أن يدفع الآن 5 ملايين ريال، ومن كان يدفع 50 ألف ريال مطالب الآن بدفع 5 ملايين ريال، إلا أنهم رفضوا ذلك فقام في المرحلة الأولى باقتحام المزارع ومصادرة ثلث المحاصيل مباشرة (الدولار نحو 540 ريالاً).
ووفق ما ذكروه، فإنهم قدموا شكوى إلى إدارة الشؤون القانونية، التي أصدرت قراراً بإيقاف مدير الفرع، ولكن القرار لم ينفذ بسبب تواطؤ مدير فرع مصلحة الأراضي معه، ولهذا ذهبوا للشكوى لدى النائب العام في سلطة ميليشيات الحوثي، ولدى مكتب مجلس الحكم، إلا أن ذلك لم يردع المسؤولين في المحافظة، بل إنهم أقدموا بعد ذلك على سجن العشرات من المزارعين؛ لإرغامهم على القبول بدفع المبالغ التي حددوها.
ويؤكد السكان أن ما تم هو محاولة استلاب أراضي المنطقة المشهورة بخصوبتها عن طريق مضاعفة الجبايات، ومن ثم مصادرتها وإعادة منحها للعناصر السلالية في المنطقة، وهو مخطط شامل يتم تنفيذه في أغلب المحافظات، ويهدف إلى تمكين العناصر المنتمية إلى سلالة الحوثي من الأموال والأراضي، وتشكيل طبقة من الأثرياء؛ لضمان استمرار سيطرتها ونفوذها الاجتماعي في مختلف المناطق، والاعتماد عليها مستقبلاً سواء في إيجاد قواعد شعبية وأنصار عند الذهاب للانتخابات، أو في حشد المقاتلين إذا لم يتم التوافق على تجديد الهدنة.
وذكرت مصادر سياسية في محافظة إب لـ«لشرق الأوسط» أن الميليشيات التي عينت على غالبية المؤسسات المهمة عناصر سلالية، تعمل بوتيرة عالية على خلق طبقة جديدة من الأثرياء عن طريق المصادرة والاستيلاء على أموال وممتلكات المعارضين، أو من خلال إعادة توزيع الأراضي في عاصمة المحافظة ومراكز المديريات، أو في المناطق عالية الخصوبة مثل مديريتي ذي السفال والمخادر؛ لأن غالبية الأراضي في المحافظة من أوقاف الملكة التاريخية أروى الصليحي أو أملاك دولة من تلك التي صادرها نظام حكم الإمامة نتيجة عجز ملاكها الأصليين عن سداد الجبايات التي كانت تفرض عليهم.
وبحسب ما يقوله السكان، فإن قيادة الميليشيات أبلغت المزارعين بأن عليهم الدفع أو تسليم الأراضي التي بحوزتهم من عشرات السنين ويعيشون على عائداتها، وأن شقيق مدير المديرية، ويدعى أبو الكرار وجيه الدين، يقتحم المَزارع بشكل مستمر ويصادر المزروعات برفقة مسلحين وبحماية أخيه، حيث يبلغهم بأنها أملاكهم، باعتباره يمثل سلطة الحوثيين، في تأكيد يوضح نوايا الميليشيات لمصادرتها وإعادة توزيعها بين عناصرها السلاليين.
وكانت الميليشيات صادرت مساحات شاسعة من الأراضي في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، ونزعت ملكيتها بحجة أنها أملاك دولة، أو أن بعضها من ممتلكات نظام حكم الإمامة.
كما صادرت الجماعة الانقلابية مساحات أخرى بزعم أنها من أملاك الأوقاف، وقامت بإعطائها لقادة في الميليشيات، ومكّنتهم من أموال المعارضين، كما عملت على نقل مجاميع كبيرة من سكان محافظة صعدة المنتسبين لتشكيلاتها العسكرية والأمنية وإعادة توطينهم في المدينة والمناطق المحيطة بها؛ بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية ولما يخدم مشروعها الطائفي.



اليمن


صراع اليمن




اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.