إردوغان استقبل السوداني بمراسم رسمية في أنقرة
بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني العلاقات بين بلديهما في مختلف المجالات، والخطوات المشتركة التي من الممكن اتخاذها للتعاون في مكافحة الإرهاب ونشاط حزب العمال الكردستاني، وإعادة إعمار العراق، وتعزيز التعاون في مجالات المياه والتجارة والطاقة.
كما تبادل إردوغان والسوداني، الذي وصل إلى أنقرة أمس في زيارة رسمية على رأس وفد عراقي كبير تستغرق يومين وفق ما أعلنت الرئاسة التركية، الآراء حول عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية.
وأقام إردوغان مراسم استقبال رسمية للسوداني بالقصر الرئاسي في أنقرة، قبل أن يعقدا جلسة مباحثات ثنائية تلتها جلسة موسعة لوفدي البلدين، جرى خلالها مناقشة كثير من الموضوعات الخاصة بالعلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، وأعقبها توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون بين البلدين.
وفي إفادة حول زيارته لتركيا، كتب السوداني لصحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، عشية لقائه إردوغان أنه سيبحث في أنقرة كيفية التعاون والتنسيق لضمان حصول العراق على احتياجاته من المياه، والتعاون المشترك خصوصاً في الجانب الاستخباري وتبادل المعلومات.
ويعاني العراق من انخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات، وصدرت اتهامات متكررة لتركيا وإيران ببناء سدود تتسبب بخفض مستوى المياه الذي يصل العراق من النهرين.
ويعد ملف المياه من الملفات الأكثر تعقيدا في العلاقات العراقية التركية، فقد قلت حصص العراق المائية الواردة من تركيا، بسبب بناء تركيا عددا من السدود على نهري دجلة والفرات، وقطع إيران قرابة 40 رافدا من المياه ما هدد أراضي العراق بالجفاف.
واعتبر السوداني أن زيارته لتركيا تكتسب أهمية خاصة في هذا التوقيت تحديدا مع التطورات الإيجابية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على صعيد تعزيز التعاون بين دوله، وحشد الجهود من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي ودفعه قدما، وحل الخلافات استنادا إلى منهجية الحوار المتعقل الذي يغلب المصلحة ويعلي من شأن التعاون بين الجيران بغية تحقيق مصالح الشعوب. وقال إن مباحثاته مع الجانب التركي «تركز على تعزيز العلاقات العراقية التركية في جميع المجالات، وخصوصا المجال الاقتصادي، لا سيما ونحن نتطلع إلى تنفيذ مشروعات اقتصادية في قطاعي الطاقة والنقل، وتحويل العراق إلى مركز للتجارة العالمية بين آسيا وأوروبا من خلال مشروع ميناء الفاو الكبير، وما يرتبط به من مناطق اقتصادية وتجمعات سكنية ونقاط للجذب السياحي».
وأشار إلى أن مشروع ميناء الفاو الكبير سيشمل ممر القناة الجافة التي سيشكلها وجود طريق سريع وخط للسكك الحديدية يمتد إلى الحدود التركية، ما يتيح الوصول إلى ميناء مرسين (جنوب تركيا) وأوروبا عبر إسطنبول، وأن تفاصيل هذه المشروعات ستناقش مع المسؤولين الأتراك في إطار مساع لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية مع تركيا، التي وصل ميزان العراق التجاري معها إلى نحو 20 مليار دولار تتمثل في واردات تركية من المنتجات الكيماوية والبذور والحبوب والبقوليات، والمفروشات والأدوية والمستلزمات الطبية، وصادرات عراقية إلى تركيا تتركز في مجال الطاقة.
واحتل ضبط الحدود بين تركيا والعراق جانبا مهما من مباحثات السوداني والوفد المرافق له في أنقرة إلى جانب ملف المياه، الذي عبر السوداني بشأنه عن الامتنان للجانب التركي ومساعيه لزيادة حصص المياه التي انطلقت من خلف السدود للعراق، مشيرا إلى أن المباحثات تستهدف كيفية التعاون والتنسيق لضمان حصول العراق على احتياجاته من المياه شريان الحياة للتنمية والتوسع الزراعي.
بدوره، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في تصريحات خلال زيارته الحالية لبروكسل، إن ملفي المياه وسنجار، (التي هددت تركيا بشن عملية عسكرية فيها قبل عامين تستهدف حزب العمال الكردستاني)، ضمن أهم ملفات زيارة السوداني لتركيا.
وقبيل بدء المباحثات بين إردوغان والسوداني ووفدي البلدين، التقى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار نظيره العراقي ثابت محمد سعيد العباسي. وأكد أكار خلال اللقاء، الذي عقد بمقر وزارة الدفاع التركية، أن حزب العمال الكردستاني يشكل تهديدا مشتركا لتركيا والعراق. وشدد أكار على أن تركيا تحترم وحدة أراضي دول الجوار وفي مقدمتها العراق، مؤكدا تصميم القوات التركية على دحر الإرهاب وحماية حدود البلاد، لافتا إلى أهمية التعاون والتنسيق في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وضرورة تعزيز التعاون بين الجيشين التركي والعراقي.
وتناول الوزيران، خلال اللقاء، عددا من الملفات الإقليمية والدولية وسبل تعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين. وشكر أكار الجانب العراقي على المساعدات التي قدمها للمتضررين من الزلزال الذي ضرب تركيا في 6 فبراير (شباط)، بحسب وزارة الدفاع التركية.
ويثير الوجود العسكري التركي في العراق، لا سيما معسكر بعشيقة الذي أسس في ناحية زلكان قرب جبل مقلوب في بعشيقة شمال شرقي الموصل، خلافاً بين البلدين يعلو أحيانا ويخبو أحيانا أخرى. وتنفذ تركيا عمليات عسكرية مستمرة ضد مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، آخرها عملية «المخلب – القفل» المستمرة منذ أشهر، بعد أن دفع الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني لعقد اتفاقية أمنية مع العراق عام 1994، يُسمح بموجبها للقوات التركية بتنفيذ ضربات جوية ضد معاقل الحزب، والتوغل البري لمطاردته إلى عمق 25 كيلومتراً على طول الشريط الحدودي، تم تمديدها عام 2007.
وبرز التعاون العراقي التركي في مجال التدريب وتقديم المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، كنتيجة لزيارة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي لأنقرة أواخر عام 2014، حيث كان الجيش العراقي في مرحلة انهيار بسبب تصاعد نشاط «تنظيم داعش» الإرهابي. واستجابة لطلبه لتدريب قوات البيشمركة التي تقوم بأعمال قتالية على الأرض بدعم جوي من التحالف الدولي، تم تأسيس معسكر «دوبردان» قرب ناحية بعشيقة في مارس (آذار) 2015 لبدء برنامج التدريب التركي للمتطوعين العراقيين. وطالبت الحكومات العراقية اللاحقة تركيا، مرارا، بسحب قواتها خصوصاً المتمركزة في معسكر بعشيقة.
وينتشر نحو 20 من القواعد والمقرات العسكرية التركية موزعة على محافظتي أربيل ودهوك، في إقليم كردستان العراق، وتقع أكبر تلك القواعد في بامرني شمال دهوك، وهي قاعدة عسكرية لوجيستية يوجد بها مهبط للطائرات. وتقول تركيا إن هدفها من الوجود العسكري في تلك المناطق هو ردع خطر حزب العمال الكردستاني الذي يشكل خطرا عليها وعلى العراق في الوقت ذاته، وتأمين حدودها وشعبها من هجماته.
ووقع العراق وإيران، الأحد، محضرا أمنيا يتضمن التنسيق في حماية الحدود المشتركة بين البلدين، وتوطيد التعاون في مجالات أمنية عدة. وجرى التوقيع على المحضر في بغداد بحضور كل من مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، بحضور رئيس الوزراء العراقي. وسبق أن اقترحت تركيا التوصل إلى آلية ثلاثية للتنسيق مع كل من العراق وإيران لمواجهة الخطر المشترك لحزب العمال الكردستاني على الدول الثلاث.
اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.