وسط تفشي الفقر وعجز ملايين الأسر عن توفير متطلبات العيد

بينما يواجه اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، أجبرت الميليشيات الحوثية سكان أربع محافظات، هي العاصمة صنعاء وريفها وإب وذمار، على تقديم تبرعات مالية وعينية، دعما لما تسميه «قوافل عيدية» لمقاتليها في مختلف الجبهات.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن التحركات الانقلابية جاءت بالتوازي مع مواصلة مشرفي الجماعة المسنودين بعربات عسكرية ومسلحين منذ أسابيع شن حملات جباية واسعة طالت وما تزال تجار وملاك أسواق وباعة أرصفة ومسؤولي مؤسسات، دعما للمجهود الحربي.

وفي العاصمة وريفها، تحدثت المصادر عن إصدار الجماعة الحوثية تعميمات لمشرفيها في أحياء وقرى متفرقة تحضهم على عدم تعبئة أي أسطوانات غاز منزلي للمواطنين، إلا بعد التزامهم بشرطين؛ الأول دفع زكاة الفطر إلى مكاتب وفروع هيئتها المعنية بجباية أموال الزكاة، والآخر التبرع المالي أو العيني لمصلحة تجهيز «قوافل عيدية» لمقاتليها.

وبينما لم تستثن الجماعة أي فرد أو مؤسسة حكومية وأهلية في العاصمة وغيرها إلا واستهدفته بحملات الابتزاز وفرض الجباية غير القانونية، أكدت المصادر أن عناصر الجماعة وبموجب التعليمات الصادرة لهم ألزموا السكان ورجال الأعمال وغيرهم في صنعاء وضواحيها بالمشاركة في تسيير قوافل غذائية وجمع تبرعات للمقاتلين.

وفي الوقت الذي بدا فيه العجز واضحا لدى غالبية السكان عن توفير متطلبات العيد من الملابس وغيرها نتيجة ما خلفه الانقلاب وآلة الحرب الحوثية من استنزاف لأموالهم ومدخراتهم، استمرت الميليشيات وتحت عناوين متعددة في قمع ونهب السكان بغية جني المزيد من الأموال.

وشكا تجار وملاك أسواق تجارية لـ«الشرق الأوسط»، من أنهم باتوا عرضة للإفلاس ومهددون بإغلاق جميع متاجرهم، وقالوا إن تجارتهم وأعمالهم باتت على وشك الانهيار بفعل تواصل ممارسات النهب والابتزاز الممنهج من قبل الميليشيات، والجبايات المستمرة على مدار العام.

وأشار عدد من تجار العاصمة إلى استخدام الانقلابيين كل أساليب الابتزاز والنهب للمواطنين والتجار والمؤسسات وحتى باعة الأرصفة وغيرهم، وإجبارهم على التبرع والتكفل بتجهيز القوافل، دون مراعاة للوضع المعيشي الذي يمر به اليمنيون والمعاناة الاقتصادية.

كما أفاد تجار آخرون بريف صنعاء بأنهم يجبرون في كل حملة استهداف حوثية تطالهم وغيرهم على التبرع القسري، سواء عن طريق النقد، أو عن طريق الأصناف العينية التي يتاجرون بها، دون استثناء.

وبالانتقال إلى محافظة ذمار (100 كلم جنوب صنعاء)، أجبرت الميليشيات المواطنين والتجار والباعة المتجولين في نطاق مركز المحافظة وبعض مديرياتها على تقديم قوافل عيدية دعما للجبهات.

وبحسب مصادر محلية، اضطر السكان في قرى وعزل مديريات جبل الشرق ومغرب عنس وضوران وجبل إسحاق ووصاب العالي، إلى تسيير قوافل صغيرة ومتوسطة لمصلحة المجهود الحربي للميليشيات، وذلك نتيجة ضغوط كبيرة وأعمال ابتزاز وتهديد مورست عليهم من قبل مشرفين حوثيين.

وأفاد ناشطون حقوقيون في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار الجماعة الحوثية في تجهيز قوافل غذائية، وقوافل أخرى تضم الملابس والعطور وغيرها، بزعم أنها مقدمة من أبناء المحافظة دعما للمجهود الحربي.

وجاءت تلك التحركات الانقلابية متوازية مع تغطية حوثية إعلامية غير مسبوقة تهدف إلى التأثير على عامة الناس والجهات المختلفة من التجار وغيرهم، لحضهم على التبرع وتجهيز القوافل، سواء في مراكز المدن أو في القرى والأرياف.

ولم تكن محافظة إب هي الأخرى بمنأى عن تلك الممارسات، فقد أجبرت الجماعة سكان وتجار ومسؤولي وموظفي مؤسسات حكومية وأهلية في نطاق مركز المحافظة على تسيير قافلة مالية وعينية لمقاتليها في الجبهات، وفق تأكيد مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وتداولت وسائل إعلام حوثية معلومات تفيد بأن تلك القافلة تحوي أكثر من 600 سلة غذائية و40 مليون ريال (الدولار نحو 550 ريالا)، بزعم أنها هدية من أبناء إب لمقاتلي الميليشيات في مختلف الجبهات.

وسبق تسيير تلك القافلة، شن الجماعة وبإشراف مباشر من قيادات انقلابية يتصدرها القيادي في الجماعة والمشرف العام ومسؤول التعبئة المدعو يحيى اليوسفي، والقيادي الحوثي ومسؤول جبهة الإمداد للجماعة نبيل المرتضى، حملات على كبريات المؤسسات والمحلات التجارية والسكان في مدينة إب لإجبارهم على تقديم التبرعات.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الانقلابيون التصعيد من وتيرة الابتزاز والنهب بحق المواطنين عبر فرض المزيد من الإتاوات دعما لمجهودهم الحربي وتحت أسماء أخرى، أفاد سكان في مدينة إب بأن مشرفين حوثيين برفقة مسؤولي بعض الأحياء طلبوا منهم تجهيز قافلة عينية ونقدية قبيل حلول العيد، والتبرع بنحو دولارين على الأقل عن كل أسرة.

وقال السكان إن الحملة الحوثية سبقها بأيام قليلة قيام ما تسمى «الهيئة النسائية للجماعة» في إب، بشن حملة جباية طالت مئات النساء بمركز المحافظة لإجبارهن على تقديم الدعم لتسيير «قافلة غذائية» لمصلحة المقاتلين في الجبهات، إضافة إلى إجبارهن على تنظيم وقفات مساندة لأجندتها الانقلابية.





اكتشاف المزيد من صحيفة صوت حائل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.